قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, February 26, 2011

ليلة شتاء - 5


رسوم: فواز

لا أعرف كيف نمت

هذا الجو النفسي لا يغري بالنوم أبدًا، لكن الدفء والظلام يصنعان المعجزات.. دعك من أن صوت العاصفة بالخارج يجعل التأثير أسوأ

لقد ذبت في الدفء.. انزلقت قدماي ببطء في حفرة من الشيكولاتة الدافئة، فلم أعد أستطيع التملّص

في المنام رأيت زوجتي.. رأيت أبي.. رأيت

ثم سمعت صرخة مكتومة.. بشكل ما اقتحمت الحلم كما يحدث في "أحلام المنبّه" الشهيرة، وهكذا صحوت من النوم وأنا أرتجف.. استغرقت قرنين حتى أتذكر أين أنا


أخذت مسدسي.. المعدن البارد الثقيل المطمْئن في يدي. ونهضت.. طبعًا لا داعي لأن أوقظ بسيوني

هرعت إلى حذائي فانتعلته، وفتحت باب الحجرة، ووقفت أنصت قليلاً

صوت الرعد هذا

Thursday, February 24, 2011

شفرة التواريخ



عندما تقرأ هذا المقال في بداية شهر مارس لو أحيانا الله فلا يمكنني بالضبط معرفة ظروف البلد وقتها . حفظ الله مصر وأخرجها من هذا المنعطف الضيق الذي تمشي فيه اليوم . أذكر أنني كتبت يوم 18 يناير في أحد مواقع الإنترنت عن فيلم أمريكي ونشر المقال يوم 28 يناير بينما النيران في كل مكان حتي أن أحد القراء أصيب بذهول لأنني رائق المزاج إلي هذا الحد ! ـ

لا أعرف كيف ستكون الظروف عندما تقرأ أنت هذا المقال فسامحني قليلا وتذكر أنني أكتب هذه الكلمات قبل قراءتك لها بعشرين يوما ! لكني علي الأقل أعرف الآن أننا سنكون قد تخلصنا من سيناريو التمديد والتوريث ولجنة السياسات والحزب الوطني ولربما تكون ملفات الفساد قد فتحت وعرفنا الكثير 

ـ كان لي صديق اعتاد أن يتنبأ بسيناريوهات الغد الكابوسية فكان يقول لي : ' عندئذ ستجد الدبابات في ميدان الساعة ..!' ـ

باعتبار هذا أسوأ ما يمكن أن تصل له الأمور . ميدان الساعة هو أهم ميدان في طنطا بالمناسبة واليوم هناك عدة دبابات تقف فيه .. أي أن أسوأ كوابيسه تحقق .. لكننا نحمد الله أنها ليست دبابات معادية بل هي دباباتنا .. جاءت لحمايتنا وكما ثبت مؤخرا لحماية مصر كلها 

Friday, February 18, 2011

إشارة مرور مصيرية


ما دامت مصر ولادة
وفيها الطلق والعادة
حتفضل شمسها طالعة
برغم القلعة والزنازين 

أحمد فؤاد نجم

***

عند ذلك التقاطع بين شارعين، كانت الإشارة حمراء لكن شرطي المرور الريفي البسيط سمح بالمرور لسيارتين تقلان بعض السادة الذين يعتبرون أنهم أكبر من القانون ، وهكذا تعالت احتجاجات راكبي السيارات الذين يذكرون الشرطي بأن الإشارة حمراء، فقال بطريقة متساهلة شبه أنثوية
ـ"يا سنة سوخة .. أهو احنا كده يا مصريين .. عمرنا ما نشيل بعضنا !"ـ

ثم أتبعها بالعبارة الشهيرة
ـ"يعني هي خصلة؟"ـ

Thursday, February 17, 2011

ليلة شتاء - 4


الليل والدفء الذي بدأ يضرب بناره في أطرافي وخدّي وصوت الشيخ الهامس.. أشعر أن هذا كله حلم سوف أفيق منه حالاً.. الأجمل أن (بسيوني) لم يصحُ بعد، مما جعلني أتساءل عن المؤثّر الذي يمكن أن يجعله يفيق منزعجًا.. هل هو ذبْحُنا؟

المشكلة أن جهاز اللاسلكي لا يعمل، بل يُحدث هذا الأنين الغريب كأنه كلب مخنوق. لا شك في أنهم قلقون علينا ولا يعرفون أين نحن، لكن لا حيلة أمامهم؛ لأن هذه العزبة صارت خارج الزمن فعلاً. لا أعتقد أن الصباح سيسمح لنا بالرحيل؛ لأن كل هذا الوحل لن يزول قبل يوم بشرط توقّف الأمطار

صوت الرعد يدوي.. كأن هناك حقل ألغام ينفجر بالخارج

أقول للشيخ مغتاظًا
ـ "عم تتكلم بالضبط؟ ما هذا الهراء؟ نحن نعرف القاتل.. لكننا لا نعرف من هو القتيل! ثم من سمح لك بأن تتسلل إلى هنا أصلاً؟"ـ

يصغي لي وهو يضع سبابته على شفتيه محاولاً جعلي أخفض صوتي

كان ينظر نحو الباب ثم دفن رأسه تحت البطانية


لم أتحرك.. أدرت عيني بخفة، فرأيت الباب ينفتح ببطء.. الضوء يتسرب بذلك التأثير الشعاعي المعروف، ثم يملأ فرجة النور ظل فارع لرجل ينظر لنا

Saturday, February 12, 2011

مبروووك


ما دامت مصر ولاده 
وفيها الطلق والعاده
حتفضل شمسها طالعه
برغم القلعه والزنازين 

أحمد فؤاد نجم

***


ألف مبروك لمصر
دماء خالد سعيد وبلال لم تضع هباء
دماء شهداء العبارة والدويقة لم تضع هباء 
كل من تلقى صفعة أو تعذيبًا موجعًا من زبانية مبارك لم يعلم أن معذبيه كانوا يضيفون هذا إلى رصيد الثورة
كل أم فقدت ابنها أو ابنتها الشابة لم تعرف أن ابنها أشعل أتون الثورة أكثر

في لحظات بدا الموقف عبثيًا إلى درجة لا توصف .. مبارك مستعد لأن يضحي حتى آخر مصري كي يبقى يومًا آخر . مستعد أن يحرق مصر كلها وأن يموت الشعب كله حتى لا يرحل 

Wednesday, February 9, 2011

المرآة المظلومة


ما دامت مصر ولادة ... وفيها الطلق والعادة
حتفضل شمسها طالعة ... برغم القلعة والزنازين

أحمد فؤاد نجم
  
***************************

كنت دائمًا سيئ الحظ مع آلة التصوير الذاتي تلك.. تعرف بالطبع تلك الآلات التي تدخل فيها أنت قمرة صغيرة، وتسدل الستار، ثم تلتقط صورة لنفسك. في كل مرة كانت الصور تظهر قبيحة جدًا ومرعبة، من ثم أستشيط غضبًا من تلك الآلة الكذوب الملفقة.. وبدأت أشك في أنها آلة عميلة تتلقى تمويلاً من الخارج، حتى قال لي صديق: لماذا لا تقبل حقيقة أنك قبيح أصلاً؟

هذه هي النقطة.. نحن لا نطيق المرايا التي تظهر لنا دمامتنا؛ ولهذا اعتبر كثير من الناس قناة الجزيرة قناة عميلة لها أجندة خاصة، بينما كانت الحقيقة هي أن الوضع في مصر صار غاية في السوء والانهيار، بحيث لم يعد ممكنًا الكلام عن مصر إلا بطريقة الإعلام الرسمي: نيلها وهرمها وناسها وزعيمها.. إلخ... إلخ. تبقى أكيد في مصر.. أية محاولة للكلام عن مصر بصدق كان معناه الشتيمة..


مع بدء انتفاضة الشباب، أعترف أن دور الجزيرة تغيّر كثيرًا. صحيح أنها ما زالت مرآة ترينا كل شيء، لكن لا ننكر كذلك أنها تعاملت مع الحدث بأكبر قدر من التشفي غير المهني، كأنما الفرصة قد واتتها لتصفية حساباتها مع مصر، وفي لحظات كثيرة صارت طرفًا فاعلاً في الأحداث ولا تكتفي بالتعليق. إذن أنت بين نارين.. نار أنس الفقي التي تحاول إقناعك بأن المتظاهرين لا يتجاوز عددهم ألفًا، وقلة مندسة تتلقى وجبات كنتاكي من إيران! ونار الجزيرة المتشفية.. طبعًا لا شك في أنك ستختار الجزيرة، فهي تهيج لكنها لا تسخر من ذكائك، ولا تحاول إطعامك السريلاك. نحن ذهبنا إلى الجزيرة عندما لم نجد من يحترمنا في إعلامنا، وعندما أفردت قناة يفترض أنها خاصة ساعة كاملة لفتاة تعترف باكية بأنها تدرّبت على الشغب في الموساد لتهيّج المظاهرات، ثم عرفها الصحفيون جميعًا كما عرفوا أنها كاذبة تهوى التلفيق.. كيف تثق بهم وهذا أثر فأسهم؟ وعلى كل حال في bbc والعربية و cnn لم تكن صورتنا أقل سوءًا.

Saturday, February 5, 2011

إنهم يأكلون الكنتاكي


لو كنت أنا ضمن النظام لكافأت الإعلام الحكومي الرسمي والمسئول عن هذا السيرك الإعلامي الذي يدور ليلاً ونهارًا على كل القنوات، فالحقيقة أن هذا الإعلام يخوض حربًا حقيقية ويلعب بكل الأوراق ولا ينام .. كل الألعاب يلعبها مهما كانت سخيفة أو ساذجة أو قذرة؛ فهو يؤمن أنها معركته الأخيرة إن لم يربحها ..  والنتيجة بالفعل أنه بدأ يشطر الرأي العام الذي كان موحدًا منذ أسبوع، وقد أجاد اللعب على عواطف ربات البيوت اللاتي كن يقلن منذ أشهر : "ومين تاني ينفع؟.. اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش". بينما الحقيقة كما يقول هيكل إن أي شعب يعجز عن إيجاد بديل لشخص هو شعب يستحق الفناء. هذه السياسة تذكرني بأمينة زوجة أحمد عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ، عندما كانت تسمع مناقشة سياسية حادة عن الجلاء والإنجليز بين ابنيها، فتقول: "هي الست ملكة انجلترا دي مش أم برضه؟.. يعني لو كلموها بالراحة كده قلبها حيرق". فيضحك الأخوان لأنها تعتقد أن ملكة بريطانيا مثل أم بلبل وأم مصطفى جارتيها. سياسة أمينة هي التي تحتل الساحة الآن ..

الآن لعب الإعلام على عواطف الناس وعلى وهن ذاكرتهم. سوف ينسون أن رصاص القناصة أطلق على رءوس شباب زي الورد، وسوف ينسون أن الشرطة ذابت ليواجه الناس وحدهم عصابات الشبيحة، وسوف ينسون أن خدمات الإنترنت والموبايل والقطارات توقفت، وسوف ينسون أن السجون كلها فتحت في لحظة واحدة ليخرج الخطرون بالآلاف، وسوف ينسون أن عربات الشرطة تدهم المتظاهرين كأنهم صراصير في ستة أفلام على اليوتيوب، وسوف ينسون منظر البلطجية بالسنج والخيول يمزقون الشباب في ميدان التحرير أمام العالم كله ليرى ما وصل له الشعب الذي علّم العالم الحضارة.. سوف ينسون....

Thursday, February 3, 2011

أربعاء الرماد


ما دامت مصر ولاده ..وفيها الطلق والعاده
حتفضل شمسها طالعه..برغم القلعه والزنازين

أحمد فؤاد نجم

***

وسط كل هذه المشاهد القاسية التي لا توصف، شعرت بشعور مرير من الانتهاك. مشاهد البلطجة هذه تُنقل للعالم، بينما يجلس العالم  كله أمام الشاشات يشرب الكولا ويأكل الفيشار ويراقب ما يحدث في استمتاع. سيل من زجاجات المولوتوف يسقط فوق المتظاهرين، واستعراض بالخيول، وجثث مكومة يقومون بجرها، واستغاثات من ممر في مسجد قام المتظاهرون بتحويله إلى مستشفى ميداني، والمتحف المصري الذي حفظه الله بمعجزة حتى هذه اللحظة، والذي لو تم تدميره لكانت كارثة كونية لا محلية فقط .. هل هذه مصر فعلاً؟


من فعل هذا ؟.. من قام بتحويل سمفونية احتجاج الشباب الجميلة إلى مذبحة حقيقية؟.. ليس الشباب بالتأكيد برغم كل ما يحاولون إقناعنا به في إعلامهم الرسمي. ليس الفتى عادل طالب الكمبيوتر ولا الفتاة مها طالبة الإعلام.. يجب أن تكون مجنونًا كي تتخيل أن محسن مهندس الاتصالات جاء وهو يحمل سنجة وزجاجة ماء نار. تذكر كذلك أن مها تنزف الآن، وأن عادلاً قد استشهد، وأن محسن مختف لا يعرف أحد أين هو .. لكن الإعلام المصري يلومهم بلا توقف.