قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Friday, December 26, 2014

خطابان عن الخصخصة



أحترم دكتورة منى مينا المناضلة الباسلة بشدة، وأثق بصدقها ورغبتها فى الصالح العام. وصلنى خطابان منها يطرحان قضايا مهمة تتعلق بخصخصة الدراسات العليا والعلاج، وقد رأيت أن أتنحى لبعض الوقت وأؤجل مقال (غيبوبة -2) إلى أن أنشر هذين الخطابين، وقد دعيت لمؤتمر فى نقابة الأطباء بالقاهرة لمناقشة قانون المستشفيات الجامعية، لكن لم أتمكن من الحضور، وهى ضريبة معيشتك فى بلدة هادئة نسبيا فى طنطا: لا تستطيع المشاركة فى معظم هذه الفعاليات. لمن لا يعرف، نقول إن دكتورة مينا طبيبة أطفال، وهى المنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق، ومن أهم أعضاء مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، وكانت عنصرا مهما فى ثورة 25 يناير وشاركت فى المستشفيات الميدانية ولم تتوقف لحظة عن الخدمة العامة.

فى خطابها الأول بتاريخ 14 نوفمبر 2014، تقول د. منى (سألخص كلامها نوعا حرصا على المساحة، وحق الرد مكفول لمن يعترض طبعا): مشكلة الدراسات العليا للأطباء مشكلة متفاقمة منذ عدة سنوات، حيث أن إجمالى المقبولين فى العام الدراسي الواحد (دبلوم وماجستير وزمالة) حوالى 5000 طبيب، بينما الدفعة الواحدة حوالى 11 ألف طبيب، بذلك يكون أكثر من نصف شباب الأطباء فى الدفعات الحديثة محرومين من فرصة للدراسات العليا....... الواقع أن الطبيب يتقدم للدراسات العليا فى العديد من كليات الطب، لعام بعد عام بعد عام.. ويتم رفضه مرة بعد مرة بعد مرة، دون أن يكون هناك أمل فى طريق لحل المشكلة!!! عند مناقشتنا لهذه المشكلة المتفاقمة من سنوات كان يقال لنا أن كليات الطب تقبل أقصى ما تستطيع فى حدود إمكانياتها ، وكنا نصنف هذه المشكلة كجزء من مشاكل ضعف الاهتمام والإنفاق على التعليم وعلى الجامعات، ولكننا فوجئنا أن نفس الكليات التى ترفض المتقدمين لها بشكل رسمي عن طريق ترشيح وزارة الصحة لهم بناء على عملهم، نفس هذه الكليات تقبل نفس الأطباء أو غيرهم عند تقدمهم عن طريق (بروتوكول التعاون مع طب 6 أكتوبر)، بمعنى أن الطبيب يتقدم للماجستير أو الدبلوم فى 6 أكتوبر، ويدفع مصاريف دراسية 15 ألفا فى السنة، فتحوله 6 أكتوبر للدراسة فى نفس الكلية التى رفضت قبوله سابقا.. و طبعا الكلية تقبل!!!!!! هنا تصبح المشكلة ليست عدم قدرة الكليات على قبول الأعداد.. ولكن يبدو أن هناك خطة لخصخصة الدراسات العليا، والخطة تبدأ بخنق طويل وبشع لفرص الدراسات العليا حتى يقبل الأطباء بأى حل حتى ولو كان بتكلفة باهظة....

ملف آخر خطير اكتشفناه حديثا.. وهو صورة أخرى من صور خصخصة وتدمير سمعة التعليم الطبى المصرى، وهى لجوء كلية طب (...) لاعتماد ماجستير ودبلوم لطب الأسرة، تحت اسم ماجستير ودبلوم الساعات المعتمدة ، ورغم أن الساعات المعتمدة المفترض أنها تعطى ضمانا قويا لإشتراط حضور الطبيب للدراسة النظرية والعملية، فإن ما حدث بالفعل هو أن الهيئة الطبية السعودية اكتشفت أن بعض الأطباء المصريين العاملين بالسعودية حصلوا على هذا الماجستير أثناء انتظامهم فى عملهم بالسعودية، وبالتدقيق اتضح أن الأطباء التحقوا بهذا الماجستير ( بمصروفات مبالغ فيها) لتكون أغلب الدراسة عن بعد عن طريق الإنترنت، ثم يقوم الطبيب بحضور دراسة عملية لمدة شهر أثناء أجازته السنوية فى مصر... وكانت النتيجة الطبيعية هى وقف الهيئة الطبية السعودية للاعتراف بكل ما يقع تحت اسم ماجستير ساعات معتمدة ، معتبرة أن هذه التسمية هى باب لحصول الأطباء لشهادة عن طريق دراسة عن بعد دون وجود دراسة عملية حقيقية.. مما أدى لرفض اعتماد السعودية لكل شهادات الماجستير المعتمدة من طب الأسكندرية، رغم أن طب الأسكندرية تشترط حضورا حقيقيا للدراسة النظرية والعملية للحصول على الساعات المعتمدة.. هنا أصبح واضحا أن الخنق الممتد لسنوات لحق الأطباء فى توفير فرص كافية للدراسات العليا أصبحت له نتائج خطيرة، وهى التحول التدريجى لخصخصة واضحة للدراسات العليا.. وكأن رفع المصروفات السنوية للدراسات العليا إلى ثلاثة آلاف وأربعة آلاف جنيه لا يكفى!!!! هنا نستطيع أن نفهم لماذا لم تنفذ وزارة الصحة القرار الوزارى وقانون 14 لسنة 2014 الذى ينص على تكفل وزارة الصحة بتحمل تكلفة الدراسات العليا للأطباء الذين ترشحهم الوزارة .. هناك تخل كامل من الدولة عن مسؤوليتها فى هذا المجال.. سواء مسؤوليتها فى توفير فرص الدراسات العليا أو تحمل التكلفة.. أو حتى مسؤوليتها فى حماية سمعة التعليم الطبى المصرى، ومنع النصب على الأطباء الذين يحصلون على ماجستير يدفعون فيه مبالغ طائلة ثم يكتشفون أنه غير معترف به فى الخارج!!!!!

أوافق تماما على هذا الكلام.. وقد حذفت اسم كلية الطب التى تقدم ساعات معتمدة فى طب الأسرة، لأن هناك معترضين كثيرين على دقة المعلومات فى هذه النقطة، ولأنها بهذا تتهم تسع دفعات من الأطباء وما يربو على 200 طبيب تخرجوا من هذا القسم حتى الآن. كما قلت: حرية الرد مكفولة.

الخطاب الثانى لدكتورة منى يحمل تاريخ 5 ديسمبر 2014... تتكلم فيه عن قانون تحويل الستشفيات الجامعية لوحدات ذات طابع خاص تعمل بشكل اقتصادى. تقول: مخاطر القانون هى تحويل المستشفيات الجامعية التى تحمل عبئا عاليا جدا فى علاج المواطنين إلى وحدات خاصة تقدم الخدمة الصحية بأجر.. المستشفيات الجامعية تقدم 30% من الخدمة الصحية بمصر و70% من الخدمة الصحية المتقدمة التى تحتاج لمهارات خاصة. الدستور ينص على رفع نصيب الصحة والتعليم من الموازنة العامة للدولة، وكانت الحجة الأساسية فى تقليل الدعم على المحروقات هى توجيه الدعم للصحة والتعليم .. طبعا هناك انتقادات عديدة لمستوى الخدمة فى المستشفيات الجامعية..لكن السؤال..هل يركز الإعلام حاليا هجومه على مستشفيات القصر العينى والدمرداش رغبة فى إصلاحها.. أم لتتخذ هذه الانتقادات ذريعة لتبدأ نغمة يجب أن تتغير نظم تقديم الخدمة فى المستشفيات.. الخدمة متدهورة لأنه لا يوجد أى إمكانية لخدمة صحية محترمة مجانية.. ما المانع فى فرض بعض الرسوم حتى نستطيع تحسين الخدمة؟

ننتظر الرد.. ونشكر د. منى للمرة العاشرة أو الألف لا أدرى!