قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, August 31, 2016

عقدة الممرض والمخبر .. وأشياء أخرى


http://www.sesawi.net/2015/12/22/kuasa-dan-kedudukan/

لم أكن من الطلبة المناضلين (الجيفارات) أيام الكلية، بل كنت مسالمًا يفضل مراقبة الأمور، ولكني كنت أندمج مع الجميع وأصغي للجميع. ولرب مخبر يراقبني في يوم فيخيل له أنني من عتاة الإسلاميين، ويراقبني في يوم آخر فيحسبني من عتاة الناصريين أو الشيوعيين، ثم يراقبني في يوم ثالث فيجدني طالبًا منكبًا على الدراسة وكتابة الشعر، لا يعرف اسم رئيس الوزراء نفسه. الحق أنني ما زلت مشتاقًا لرؤية ملفي الموجود عندهم، فلابد أنه عمل سريالي مذهل.

Tuesday, August 30, 2016

هشام يخفي سرًا - 3


"رسم الفنان "طارق عزام

ليكن .. سأحكي لك، لكن أرجوك سأكون مختصرة جدًا لأن هذه التفاصيل مملة. موضوعنا الوحيد اليوم هو أنا، وهذه الأمور الفرعية تضعف الحبكة بلا شك.

حدث هذا بعد يوم من تلك المشادة. لقد عاد صفوت الأمير لمكتبنا ليزيد من متاعب هشام .

لنقل إن المصعد توقف بين دورين في البناية التي يوجد فيها مكتبنا الهندسي، وقد استعانوا برجل الأمن والحارس اللذين استطاعا إعادة المصعد إلى الحياة. عندما انفتح المصعد في الطابق الثالث رأى الواقفون مشهدًا جللًا. كان صفوت الأمير راقدًا على أرضية المصعد وقد تمزق عنقه وسالت حوله بحيرة من دم لم يتجلط بعد. الرعب على الوجه. تراه في الفم الصارخ والعينين الجاحظتين .. لا تحتاج إلى طبيب كي يخبرك أن هذا الرجل لن يتنفس ثانية.

Wednesday, August 24, 2016

القليل من الملح


https://www.flickr.com/photos/11939863@N08/3793288383/

ليس الأمر متعلقًا بقنوات الطبخ التي تكاثرت على الفضائيات كالسرطان. بل يتعلق بمبدأ من مبادئ الحياة تعلمته من أمي يرحمها الله: "لا تفسد الطبخة من أجل القليل من الملح". تعلمت هذا المبدأ لكني لا أطبقه غالبًا لأن الأمر يكون أحيانًا أقوى مني.

ذات مرة ابتاع صديقي هدية ثمينة لخطيبته في عيد ميلادها، وقد دفع مبلغًا محترمًا من المال ليبدو لطيفًا، لكنه عندما ذهب لحفلها كان متأخرًا وغير رائق المزاج، فلم يطق الذهاب للمكتبة لشراء بطاقة صغيرة مع الهدية. لم يتصور أن يكون عليه دخول المكتبة والبحث بين البطاقات، ثم اختيار بطاقة مناسبة، من ثم يطلب قلمًا من البائع، الذي يجرب عدة أقلام كلها لا تكتب إلى أن يجد واحدًا يناوله له،  ويكتب بخط جميل (كل عام وأنت بخير..) أو كلمة مبتكرة أخرى لا يعرف ما هي.. ربما هو كلام فارغ مثل: "يوم مولدك هو يوم مولد الفجر في سماء وجودي المظلمة" أو "في يوم مولدك كتب لي أن أكون سعيدًا.. إلخ".  دعك من أن عبارة (خط جميل) هي من المستحيلات كالعنقاء بالنسبة له. بعد هذا يجب أن يجد البائع طريقة للف الهدية برشاقة، ويثبت البطاقة، وهذا سوف يستغرق أربعة أعوام... مستحيل..

Tuesday, August 23, 2016

هشام يخفي سرًا - 2


رسوم الفنان «طارق عزام»
كما توقعت ..

السيارة تقترب .. تدنو مني .. تتحرك بنفس سرعتي. أنظر إلى السائق فأرى وجه هشام المحتقن. في كل مرة يحطم جدارًا من جدران خجله، ثم يندم جدًا بعدها. نظرت له بتلك النظرة التي صار يعرف معناها.

قلت له في حزم وقد شددت قامتي:
ـ«باشمهندس هشام، واضح أنك تلقيت إشارات خطأ بصددي، أو لربما أنا ضحية وغد حاول تشويه سمعتي».

أخرج رأسه من النافذة الجانبية، وقال بنفس طريقة الصبي المذنب إياها:
ـ«أنت من تسيئين فهمي .. لو سمحت لي بأن أوصلك فلسوف أحكي كل شيء في الطريق ..».

ـ«أنت تعرف أن سيارتي في الشارع المجاور».

Saturday, August 20, 2016

أين نغزو بعد هذا؟



كل فيلم جديد لمخرج الأفلام التسجيلية الأمريكي مايكل مور، حدث ثقافي مهم، فهو قد نجح في تحويل الفيلم التسجيلي إلى نوع راق من التسلية، التي تمزج الوعي السياسي بالسخرية، مع شخصية مور نفسه التي تظهر بكثافة في الفيلم كمحاور وممثل.

Wednesday, August 17, 2016

اعتذار


أعتذر عن عدم كتابة مقال هذا الأسبوع لموقع اليوم الجديد، حدادًا على أرواح من ماتوا في أحداث رابعة الدامية، والذين قالت وزارة الصحة نفسها أنهم ثمانمائة، والذين - بعد ثلاثة أعوام - لم يتم أي أي تحقيق جاد لمحاسبة من قتلهم. يظل الصمت أفضل وأبلغ.


Tuesday, August 16, 2016

هشام يخفي سرًا - 1


رسوم الفنان «طارق عزام»

السر الذي يخفيه هشام يحيرني حقًا.

تسألني كيف عرفت أن لديه سرًا، فأقول لك إنني امرأة .. أملك ذلك التكوين الوجداني والشعوري والعقلي الذي يزدهر في وجود هرمونات الأنوثة، كأنك تسقي أيكة بالسماد.. ثمة جزء في تكوين الأنثى يقدر على قراءة الأفكار أو الحدس أو الاستبصار .. أحلامنا كنساء تتحقق غالبًا .. مخاوفنا تصدق على الأرجح.

السر الذي يخفيه هشام يحيرني، فهشام يبدو لي كأرض منبسطة سهلة. عيناه صادقتان لكنهما خائفتان. في أعماق عينيه يمكنني رؤية النظرة تقول: «لا تقتربي أكثر من اللازم من فضلك فلدي سر مخيف!»

Saturday, August 13, 2016

حنين إلى الاسكنشايزر


في سن الرابعة والخمسين، يسترجع المرء ذكرياته فيشعر بإحباط شديد من كم الفرص الضائعة والجهد السيزيفي الذين مرت بهم هذه الأمة. رأيت ألف بداية جديدة وألف وعد، وفي كل مرة يكتشفون أننا كنا على خطأ فيما سبق، وقد جاءت لحظة البداية الصحيحة أخيرًا، ومنذ عام 1967 وأنا أسمع أنه لابد من التقشف وشد الأحزمة على البطون إلى أن نعبر عنق الزجاجة. عنق زجاجة مستمر منذ زهاء خمسين عامًا!.. هذه ليست زجاجة بل هي قسطرة حالب أو خرطوم حديقة. مع الوقت يشعر أفراد جيلي بأنهم في حالة نوستالجيا (حنين) شديدة وأنهم بحاجة إلى استرجاع ذكريات الماضي والفرار إلى الخلف. السؤال الدائم المزمن هو: هل كان الماضي أجمل أم كنا نحن الأجمل؟ هل كانت رائحة التفاح قوية، أم ان حاسة شمنا كانت أقوى؟ عبرت عن هذا في مقال قديم لي يمكن ان تقرأه هنا.

تتردد نغمة النوستالجيا عالية جدًا هذه الأيام خاصة بالنسبة للجيل الذي كان طفلاً في السبعينيات أو الثمانينيات، وقد عبر إعلان الاسكنشايزر الرائع الذي تراه هنا عن هذه الظاهرة بذكاء. كل شيء في الماضي يبدو رائعًا بالنسبة لجيل الكبار، وعلى الأرجح هم كونوا ذاكرة زائفة لأشياء لا وجود لها. وفي النهاية يحسبون أن كل شيء في زمنهم كان رائعًا، بينما هذا الجيل مسكين لم ير شيئًا ولم يعرف شيئًا ولم يأكل شيئًا.

Wednesday, August 10, 2016

امرأتان


pixabay.com

عندما دارت عينا هدى الزجاجيتان لتنظرا لي شعرت بأن ساقيّ ترتجفان، وأنني سأفقد وعيي بسهولة.

في العام 1986 كنت طبيب امتياز مذعورًا مرتبكًا يمارس عمله في مستشفى طنطا الجامعي، وكانت هناك مقولة إنجليزية قاسية يطلقها علينا الأطباء المقيمون متندرين: "طبيب الامتياز ظل أبيض يمشي في الظلام حاملاً أكياس الدم.. عديم النفع.. عديم الهدف.. عديم الاعتناء بشيء". باقي الجملة غير قابل للذكر هنا، لكنه يدل على على أن هم طبيب الامتياز الوحيد هو ملاحقة الممرضات، وكنا نتقبل هذه المقولة بالكثير من التواضع والروح الرياضية.

كان العمل في عنبر الحوادث أو عنبر الحروق همًا مقيمًا.. هو نوع من الكأس الدوارة التي لابد أن يجرعها أحدنا بالترتيب، خاصة والأطباء المقيمون لا وقت لديهم لهذا. الرائحة قاتلة والمشاهد شنيعة بعضها لن تصدقه ما لم تره.. الطبيب الذي ضمّد قدمًا مصابة بالغنغرينا أو حرقًا متعفنًا من الدرجة الثالثة لا ينسى هذه الخبرة اللعينة أبدًا. لسوف يصير التهام الطعام عملية عسيرة لمدة أسبوع. لكن – كالعادة – الأمر لا يخضع للمزاج، وهناك من يجب أن يقوم بهذا العمل.

Wednesday, August 3, 2016

ماذا لو ..؟


pexels.com

لأنيس منصور كتاب شائق اسمه (وكانت الصحة هي الثمن)، يحكي عن أمراض العظماء وآلامهم، وقد أردت الاستعانة به في هذا المقال لكنني فشلت في العثور عليه في مكتبتي. لا أذكر تفاصيله سوى أن فيه فصلاً عن عبد الناصر، ونصف الكتاب مخصص لبونابرت وقرحته، مع بعض العبارات التي يستحيل التحقق منها، مثل أن بونابرت قال إنه يمنح فرنسا كلها لمن يعالج  معدته!

خطر لي أن الطب لو كان في الماضي على درجة التقدم التي نراها اليوم، فلربما أمكن إنقاذ كثيرين من هؤلاء. الأعمار بيد الله طبعًا وقد كان مقدورًا لهؤلاء أن يمرضوا في طفولة الطب ويرحلوا، لكنك لا تتمالك إلا أن تلعب لعبة (ماذا إذا) في مخيلتك.