قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Tuesday, September 27, 2016

بلهاء في الأوقيانوسية وروايات أخرى - 1



اعتدت أن القوائم من طراز (أهم عشر روايات) و(ثلاثون رواية يجب أن تقرأها قبل أن تموت) ..إلخ تحظى بالسخط دومًا؛ لأن هناك روايات مقدسة لدى كل شخص، ولسوف يجن جنونه عندما تغفل ذكرها، فيأتيك بريد غاضب يقول: «يا لك من أحمق، نسيت رواية (بلهاء في الأوقيانوسية) أو نسيت (أنياب زوج خالتي) وهي من التراث السلفادوري بالغ الأهمية». هناك كذلك الخلط بين (ما الروايات التي أثرت في حياتك؟) و(أي روايات يجب على الشاب المهتم بالأدب قراءتها؟) و(ماذا قرأت من روايات جيدة مؤخرًا؟) و(ماذا تقرأ هذه الأيام؟)، وهو فارق هائل في كل حالة. وفي النهاية تكتب القائمة فتشعر بأنها لا تضم ربع الكتب التي أردت الكلام عنها، وأنك نسيت كذا وكذا. لذا حاولت أن أتهرب من كتابة شيء كهذا، ثم تكرر الطلب من الشباب في عدة مرات، فقررت أن أسمي بعض الروايات التي تهمني أنا على الأقل، أو أثرت في مسار تفكيري بشكل واضح، ربما غيرته كذلك؛ أي أننا سنجيب عن سؤال (ما الروايات التي أثرت في حياتك؟) وهو لن يجيب بالضرورة عن سؤال (أي روايات يجب على الشاب المهتم بالأدب قراءتها؟)

Saturday, September 24, 2016

مجرد مذبحة أخرى



برغم كل شيء، لم أر في حياتي مذبحة واحدة يعاقب مرتكبوها، حتى تمنيت لو أنني كنت موجودًا بعد الحرب العالمية الثانية – على سبيل كسر الملل – لأنعم بالعدالة وهي تطبق على مجرمي النازيين في نورمبرج.

لا يمر شهر سبتمبر إلا وتذكرنا أنه فصل أسود على الفلسطينيين غالبًا، سواء بذكرى أيلول الأسود أو بمجزرة صبرا وشاتيلا التي تمت على مدى ثلاثة أيام في 16 سبتمبر عام 1982.

تبدأ القصة بتدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان عام 1949 قادمين من شمال فلسطين، وقد تبرع سعد الدين شاتيلا بأرض أقيم عليها مخيم للاجئين يحمل نفس الاسم، أما صبرا فهو حي ارتبط اسمه بأسرة لبنانية. ثم وقعت الحرب الأهلية اللبنانية وتم اجتياح إسرائيل للجنوب، ثم وقع اغتيال بشير الجميل كما ترى في هذا الفيلم الوثائقي هنا. وقد قرر حزب الكتائب أن يغرق الفلسطينيين في حمامات الدم على سبيل الانتقام من الاغتيال. 

هكذا تم ترتيب العملية..

Wednesday, September 21, 2016

بعد خمسة أعوام



يعجّ شهر سبتمبر بالذكريات، حتى أنه الشهر الوحيد الذي أكتب فيه وأنا ممسك بالتقويم خشية أن أتعثر في ذكرى مهمة ما، وقد تعثرت بالفعل بذكرى صبرا وشاتيلا عام 1982، وعشرات المصائب لعل أحدثها حادثا سقوط الرافعة والتدافع في الحرم عام 2015. كدت أكتب عن صبرا وشاتيلا كالعادة ثم تذكرت أنني كتبت عنهما أكثر من أربع مرات. ثم تذكرت أن خمسة أعوام قد مضت على رحيل حمدي مصطفى الناشر العظيم الذي شكل عقول جيل كامل من الشباب؛ فقررت هذه المرة أن أعيد نشر مقاطع من مقال قديم لي كتبته بعد وفاته، مع مقاطع كلامي عنه في كتيب (ثلاثون).

Tuesday, September 20, 2016

هشام يخفي سرًا - 6 - الأخيرة


رسم الفنان «طارق عزام»

في غرفتي رحت أفرغ الفيلم .. الفيلم الذي سجلته كاميرا الحمام. على شاشة اللاب توب رحت أراقب الصورة المأخوذة من مكان مرتفع قليلًا حيث داريت الكاميرا وراء ستار الحمام. لم أسمع عن امرأة تتلصص على رجل يخلع ثيابه من قبل، لكني لم أسمع كذلك عن رجل حريص على ألا ترى زوجته جسده أبدًا. حتى وهو نائم يتدثر جيدًا بالملاءة، فلا أستطيع معرفة ما هنالك.

كان ينزع قميصه .. ثم فانلته الداخلية .. هنا فهمت جزءًا من السر .. إنه يلف رباطًا من الشاش العريض حول أسفل صدره ويلتف حتى يغطي البطن كله. لكنه لن يستحم بهذا الرباط .. راح يفكه في حرص .. لقد ألصق أطرافه باللاصق العريض.

Tuesday, September 13, 2016

هشام يخفي سرًا - 5


رسوم الفنان طارق عزام

هشام يخفي سرًا ..

أعرف هذا وقد بدأت أتوتر فعلًا. خواطر كابوسية جابت ذهني مرارًا .. رأيته ساحرًا شريرًا يقدر على الوصول لمخدعي .. لوسادتي.. رأيته يحرق دمى مسحورة تحوي شعيرات من رؤوس أعدائه ..

سألته أكثر من مرة عن الحيل التي يضع بها أشياء عندي، فراوغ في الإجابة .. كان يحيل أي كلام مزاحًا. الحقيقة أنه لا تفسير هنالك سوى أنه استعان بأخواتي، وبرغم هذا لدي يقين داخلي مبهم أن هذا لم يحدث ..

لقد أجريت تجربة صغيرة .. ناديت الفتيات الثلاث؛ ليلى وسامية ومي إلى غرفتي، ثم عرضت عليهن قطعة الشيكولاته، وأمسكت بالمصحف وطلبت من كل واحدة منهن أن تقسم على أنها لم تضع هذه الحلوى بناء على طلب من هشام. الفكرة أنهن أقسمن .. جميعًا أقسمن .. أعرف أنهن لن يكذبن لدرجة القسم على مصحف. هشام بالفعل يملك القدرة على الوصول لأي مكان في حياتي.

لكن لن أرتكب خطأ عمري ..

Monday, September 12, 2016

سالييري الفنان



برغم كل شيء كان سالييري صادقًا محبًا للفن بالفعل، ولم يخدع نفسه قط. لقد أحب الموسيقا جدًا، لذا لم يستطع أن ينفي الموهبة عن موتسارت. أتحدث طبعًا عن فيلم أماديوس الذي أخرجه ميلوس فورمان سنة 1984، والذي تجد المعلومات عنه هنا. لو لم تكن قد شاهدته بعد، فأنا أنصحك بأن تسدي لنفسك معروفًا وتبحث عنه. 

Wednesday, September 7, 2016

قراءة باردة



القراءة الباردة هي عندما يقرأ لك العراف طالعك، فيبهرك. والحقيقة أنك أنت من يقدم له مفاتيح القراءة وأنت لا تدري. وهي تختلف عن القراءة الساخنة، حيث تكون هناك خدعة تمنح العراف معلومات مسبقة، أو يكون هناك وسيط مدسوس بين الجماهير في النوع الأخير، بينما القراءة الباردة تعتمد بالكامل على فطنة النصاب.

أولاً يعرف علماء النفس ما يدعى بتأثير بارنوم أو تأثير فوريه. هذه هي الطريقة التي يعمل بها المنجمون وكُتّاب أبراج الحظ. تأثير بارنوم يقول: "لدينا شيء لكل واحد من الجمهور". أي أنه يرضي الجميع  باعتباره صاحب سيرك يجيد عمله. في كلام العراف شيء يوحي لكل واحد من الجمهور أن الكلام عنه فقط. قرأت في الفيس بوك مقطعًا يتحدث عن (الشرفاء النبلاء الذين يحبون القهوة ويجدون صعوبة في النوم ويشعرون بالاغتراب، ويتساءلون عن معنى الحياة ويحبون القمر  .. إلخ). وجدت أن كل من علق كتب: "أنا بالضبط .. انت تتحدث عني!". شعرت وقتها بأنني الوغد الزنديق الوحيد في العالم. هناك تجربة أخرى أجراها بن وتلر في واحدة من حلقات برنامجهما الرائع، حيث وزعوا على صف من الطلبة ورقة مغلقة لكل واحد، والورقة تصف شخصية الطالب. عليه أن يرفع يده لو وجد أن الوصف مطابق لشخصيته. رفع كل الطلبة أيديهم معربين عن انبهارهم بالوصف، وهنا أعلن بن وتلر أن الورقة كتب فيها نفس الكلام للجميع!

Tuesday, September 6, 2016

هشام يخفي سرًا - 4


رسم الفنان "طارق عزام"

هكذا ابتعد حلم الزواج جدًا.

هناك فترة حداد ينبغي أن تمر، وهناك ليالٍ كئيبة وتلفزيون لا يفُتح وثياب سود … إلخ. نحن أسرة مصرية ويجب أن نحزن جدًا. قبل موت فرد من الأسرة يكون البيت كفتاة عذراء نضرة، ثم يأتي الموت فتفقد الفتاة عذريتها ويتجعد وجهها بالخبرة المروعة للأبد.

كان عليّ كذلك أن أعتاد نظرة الاتهام من أمي وأخواتي باعتباري (قتلت الرجل)، وهو اتهام لست على استعداد للنظر له بأي جدية.. كل واحد منا يحمل في خلاياه تاريخ الإعدام وطريقته، وليس ذنبي أن كانت ساعة إعدام أبي هي لدى عودتي من الخارج مع هشام. لم يكن الاستفزاز قويًا لدرجة القتل، بل إن من أهين بشراسة هو أنا..

لم تكن تلك هي المشكلة..

Saturday, September 3, 2016

رجل لكل العصور


كل عام وأنت بخير. يتزامن عيد الأضحى هذا العام مع يوم 12 سبتمبر، وهو الذكرى السابعة لوفاة نورمان بورلوج. بورلوج الذي يعتبره كثيرون أعظم رجل عرفه القرنان، كما سنحكي حالاً.

تزامن هذا مع الكلام عن مشكلة القمح، ومع مقال نشر في 3 سبتمبر 2016 قرأته في الإيكونومست ويمكنك أن تقرأه هنا. المقال يثير الضيق والحزن، لكن يجب أن نتعامل معه بجدية بدلاً من أسلوب (إنهم يريدون تدمير مصر) الذي أوشك على تدمير مصر فعلاً. اسم المقال هو (عن الخبز والرشوة والفطريات)، ويتحدث عن الحكومة المصرية التي اشترطت مستوى منخفضًا جدًا من فطر الإرجوت لا يمكن الوصول له، مما دعى المورّدين لرفع أسعار القمح، واضطرت الحكومة المصرية للتراجع. يقول المقال إن الحكومة المصرية تعتمد على علماء مزيفين يتجاهلون عقودًا من الأدلة العلمية

تأمل قسوة العبارة (علماء مزيفون). لهجة المقال ثقيلة جدًا تتهم الحكومة المصرية بانعدام الكفاءة كليًا، وتقول إن القمح سيكلف مصر 860 مليون دولار عام 2016 برغم شحة مواردها الأجنبية. ازدواج المعايير والرشاوي يجعلون الأمر جحيمًا بالنسبة للموردين. لن أترجم المقال كاملاً حتى لا يتضايق من هم موجودون في كل العصور، الذين يعتبرون انتقاد الحكومة خيانة وهجومًا على مصر نفسها. فقط أردت القول إن معضلة القمح في مصر تبدو بلا حل فعلأً.