قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Wednesday, October 26, 2016

إنها قادمة !!

اسمها شيماء أو هالة أو نجوى أو عزة أو...أو.. تسكن دائمًا – لسبب لا أعرفه – في فيصل أو الهرم، وتلبس فستانًا يصل للركبتين تحته سروال جينز واسع، وحذاء مطاطيًا من نوع (كوتشي)، وتحمل جهاز هاتف محمول ألصقت عليه ملصق القطة اليابانية (هيلو كيتي)، وفي وجهها الشاحب رقعتان بيضاوان مما يسميه الأطباء النخالة البيضاء، ناجمتان عن نقص فيتامين (أ). وفي عينيها نظرة تصميم كاسحة. عندما تقابلها فلتهرب منها بأي شكل .. سوف تجدك وتأخذ ما تريده منك مهما حاولت الفرار.

ربما تكون شيماء / هالة / نجوى/ عزة أو .. أو ... محررة في موقع إلكتروني أو طالبة إعلام أو صحفية في مجلة شبه معروفة. لا شك أنك ستقع في حبائلها أولاً لأن كل إنسان تفتنه فكرة أن تُذاع أفكاره وآراؤه في الحياة .. نشوة أن يوجد من يهتم بالإصغاء إليك ويسألك عما تعتقده. لكنك مع الوقت تكتشف أن لدغتها قاتلة غالبًا، وأن العدو العاقل خير من الصديق الجاهل.

حكت الفنانة فايزة أحمد عن أنها في بداية حياتها الفنية كانت هزيلة متوسطة الجمال، والتقى بها صحفي من طراز شيماء / هالة / نجوى/ عزة أو .. أو ... يعمل في مجلة فنية ليجري معها حوارًا، فارتدت ثوبًا اعتقدتْ أنه أنيق ليلتقط لها بعض الصور، ثم رأت الحوار الذي أجري معها في المجلة، فرأت المانشيتات على الغلاف تقول: "أنا أجمل من سعاد حسني وصوتي أروع من أم كلثوم!". طبعا نجحت الصور القبيحة التي ملأت المجلة في جعلها هدفًا ممتازًا للشتائم والاستفزاز الذي تحول إلى سخرية، مع أنها – ببساطة – لم تقل حرفًا من هذا الكلام.

Tuesday, October 25, 2016

الجلسة - 2


رسوم الفنان طارق عزام

في الفندق جلست أصغي لبعض الموسيقى، ورحت أنظر لعقارب الساعة في لهفة. بالطبع أجريت مكالمة هاتفية للبيت وأبلغت ثريا أنني سأتأخر .. العمل .. دائمًا العمل.. سأعود فجرًا. قالت شيئًا عن عشائي الذي ينتظرني وعن شريف الذي نام و.. و..

لم أكن رائق المزاج، فأنهيت المكالمة بسرعة وطلبت منها أن تعنى بنفسها. أشعلت لفافة تبغ .. دقات على الباب .. رائحة عطر فاغم يسبقها قبل مجيئها بربع ساعة.. سوسن..

Saturday, October 22, 2016

يعرف ما ينبغي عمله


مشهد طريف لا أنساه في مسرحية الهمجي لمحمد صبحي. أعتقد أنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها الفنان المتميز صلاح عبد الله في حياتي، وكان يلعب دور العليم بكل شيء، والذي يملك حلا لكل مشكلة، ويردد طيلة الوقت في تعال وثقة: "خبرة". تذكر هذا المشهد عند الساعة 1:49 من المسرحية. بالطبع كانت نتائج الثقة فيه كارثية، وكما توقع محمد صبحي منذ البداية، فمن الواضح أن خبرة الرجل كانت تنحصر في (سرقة الحنفيات).

هناك أشخاص يثقون بأنفسهم أكثر من اللازم، لدرجة أنك لا تجد مجالا للتفكير أو التريث فهم يغرقونك في عاصفة من الجعجعة والتباهي، والكارثة الحقيقية هي أن تسقط في حبائلهم. ولقد قابلت من هؤلاء كثيرين.

ثمة قصة جميلة للساخر الأمريكي مارك توين، من مجموعته القصصية (معتوهون في الخارج)، يحكي فيها عن شاب أمريكي خجول يجوب شرق أوروبا، ثم يجلس في حانة ليحكي لأصحابه أنه يتوق بشدة إلى أن يرى سانت بطرسبورج بجمالها ومباهجها، لكنه يفتقر إلى روح المغامرة، ويردد مقولة أبيه عن أنه كان ينبغي أن يولد فتاة. هنا يسمع كلامه رجل أمريكي (حشري) ذو شارب كث ومظهر عسكري. ينقض على الفتى ليدعوه للشراب ثم يحدثه عن مباهج بطرسبورج. لا بد من أن تراها. ويقدم نفسه باسم الكولونيل .. كل واحد يعرفني .. أعرف كل شيء وذهبت لكل مكان.. 


Thursday, October 20, 2016

تماثيل رخام على الترعة

صوت عبد الحليم حافظ الرخيم يتدفق من سماعة التلفزيون ليملأ الغرفة، مفعمًا بالفخر والحماسة والأمل:
آديـك أهـه خـــدت العضـــويــة..
وصـبحــت فـى اللجـنـة الأسـاسيــة..
أبـو زيـد زمـانــك ، وحصــــانـك:
الكلمـــة ، والخـدمــة الـوطنيــــة..
ودى مسـئـوليــة..

لقد اعتدت هذه الكلمات في طفولتي وألفتها أذني، لهذا لم أشعر قط بغرابتها إلا اليوم، كأنك تكتشف للمرة الأولى بعد عشرة أعوام أن زميلتك في العمل لها شارب خفيف. أن يغني مطرب متحدثًا عن اللجنة الأساسية والخدمة الوطنية، لهو أمر عجيب حقًا، خاصة إذا جاء من شاعر في حجم صلاح جاهين وملحن في حجم كمال الطويل. عمر هذه الأغنية هو عمري بالضبط، وقد اختفت كمعظم رموز العهد الناصري أيام السادات، ثم عادت ثانية مع القناة الرائعة ماسبيرو زمان، وبالطبع في جو (الناصرية الصناعية) الذي نعيش فيه.

Tuesday, October 18, 2016

الجلسة - 1


رسوم الفنان طارق عزام

-«هل تدرك معنى ما تقول حقًا؟»

-«قطعًا»

-«وتدرك تبعات هذا؟»

-«أنا لا أكلم محققًا .. أعرف أنك تحتفظ بسرية المحادثة كجزء من آداب المهنة»

كان الموقف محيرًا. لا بد أن أكثر من قس اعتراف مر به من قبل، وإنني لأتذكر مسرحية كرسي الاعتراف التي قدمها يوسف وهبي، والتي تدور حول مأزق كهذا .. في فيلم (أنا أعترف) لهتشكوك يجد قس الاعتراف نفسه متهمًا بالقتل مع أنه يعرف القاتل الذي اعترف له! ليس الأمر هنا بهذا السوء والحمدلله..


Saturday, October 8, 2016

فلنــتذكّــرْ


لست من هؤلاء الذين يرون أننا تمادينا في الاحتفاء بنصرنا الوحيد في 6 أكتوبر عام 1973، وأن الأمر بعد 43 عامًا صار مملاً ولا يستحق هذه الضوضاء، حتى كتب أحدهم إن حرب أكتوبر هي هدف مجدي عبد الغني الخاص بالجيش!

نفس هؤلاء الذين لا يريدون أن نعيش في احتفال دائم بهذا النصر، هم الذين لا يريدون أبدًا الخروج من مصيدة 1967 وكيف قضت على كل شيء فينا.. إلخ، حتى حولوها بالفعل إلى أعظم انتصارات إسرائيل، لأنها لم تهزم جيشًا بل هزمت إرادة شعب سيظل يولول للأبد بسبب هذه المأساة. لقد صار ترداد هذا مملاً، لكننا نكرر أن فرنسا كلها احتلت في ساعات، وألمانيا تمزقت واليابان تلقت قنبلتين نوويتين، لكن تلك شعوب أرادت أن تنهض ولم تُسحق إرادتها، ولم تقض وقتها مع تفاصيل حرب داحس والغبراء. كما أن الخلاف الأيديوبوجي مع عبد الناصر أغرى الكثيرين بالتلويح بلافتة 1967 لدرجة تقترب من الفخر والتهليل والشماتة. أنتم فخورون بالهزيمة وتحتفلون بها كل عام.. إذن دعونا نفتخر بالنصر كذلك لتكون اللعبة عادلة.

النقطة الثانية المهمة هي أننا نأخذ على الحكام أنهم يخلطون بين أنفسهم ومصر. أي أن من يهاجمهم يهاجم مصر، وهو أمر أشبعناه سخرية وانتقادًا، لكن الجميع يكرر ذات الخطأ. عندما يغضب الناس على قيادات الجيش أو المجلس العسكري، فلا يجب أن يمتد هذا ليشمل كراهية الجيش ذاته، وانتزاع بطولاته وتضحياته.. الجيش معنى كمعنى مصر نفسها، وأؤمن أنه القبضة الصارمة الوحيدة التي تمنع مصر من التشرذم بكل ما فيها من خلافات وتعصب، لهذا كنت أعترض أيام المجلس العسكري كلما شعرت أن الهجوم لا ينصبّ على المجلس ولكن على الجيش ذاته، لدرجة تمزيق صورة الجندي الذي يحتضن طفلاً المعلقة على الحافلات.


Wednesday, October 5, 2016

جوركي في الأعماق



وقعت في حبائل الأدب الروسي ككل شخص آخر، وذلك في سن مبكرة جدًا. وهذا لا يثير الدهشة إذا عرفنا أن تأثير هذا الأدب كان كاسحًا مع كل الأدباء المصريين في أوائل القرن الماضي. لم ينكر يحيى حقي تأثره الشديد به، وكذلك نعمان عاشور قبل أن يتجه للمسرح، وبالطبع سيد القصة القصيرة يوسف إدريس الذي عندما ترجم لأول مرة في حياته، اختار قصة (زوجة الصيدلي) لتشيكوف، وفيما بعد قال إنه كافح كثيرًا ليتحرر من السيطرة التشيكوفية المرعبة. 

في البدء تقرأ تشيكوف فتتورط وترى الحياة كلها بمنظار تشيكوفي، ثم تقرأ جوركي وتورجنيف وتولستوي ودستويفسكي وبوشكين وجوجول.. هكذا أنت تحتاج لمعجزة كي تفلت.  

مع الوقت يقرر المرء أن يكتب قصته القصيرة الأولى، ثم يبحث عن شخص ليقرأها فلا يجد سوى أبيه البائس أو أقرب أصدقائه. ثم تتراكم القصص، ويسمع المرء آراء إيجابية من رفاقه.

Tuesday, October 4, 2016

بلهاء في الأوقيانوسية وروايات أخرى - 2



أواصل هنا قائمة الروايات التي أحدثت أثرًا عظيمًا في حياتي، وهي قائمة مليئة بالسهو طبعًا. يجب ذكر أنني لم أتكلم عن القصص القصيرة قط، ولهذا لم أذكر حشدًا من أعمال تشيكوف ويوسف إدريس وموباسان التي أحدثت أثرًا بالغًا لدي.


Saturday, October 1, 2016

تراجيديا الأسبوع



جاء غرق مركب رشيد في موعده بالضبط باعتباره الكارثة الأسبوعية التي ننتظرها: قطار يخرج عن الخط.. حريق.. سقوط طائرة.. فلم يتأخر كثيرًا وكان على العهد به. بعد هذا بأسبوع فر فهد من مزرعة خاصة والتهم طفلة في التاسعة، فكان هذا هو موعد التراجيديا الأسبوعية الجديدة. دقة مواعيد مذهلة كما ترى.


حادث الغرق مروع بلا شك، ويحمل روائح كئيبة من قصة غرق العبارة في 2 فبراير عام 2006. وهي مأساة انتهت بغرق 1200 مواطن بائس عائد لأهله في الوطن. مالك العبارة وولداه غادروا مصر إلى لندن عبر صالة كبار زوار المطار. وشاعت في المجتمع المصري مقولة إنك إذا قتلت واحدًا تُعدم، أما إذا قتلت ألفًا فأنت تغادر مصر من صالة كبار الزوار لتعيش عيشة الملوك في لندن..